بوفاة النبي (ص) في الثامن والعشرين من صفر سنة إحدى عشرة للهجرة، بدأت مرحلة جديدة في حياة الإمام علي (ع). وبينما كان الإمام (ع) مع بني هاشم مشغولين بتجهيز النبي (ص) وتكفينه، اجتمع جماعة من المسلمين في سقيفة بني ساعدة واختاروا أبا بكر خليفة.
ومن أجل الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية وتجنب الفرقة، بايع الإمام علي (ع) الخليفة بعد فترة، لكنه امتنع عن قبول منصب رسمي في الحكومة. وقال في تلك الفترة: “صبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى.”
وفي فترة العزلة التي استمرت خمساً وعشرين سنة، توجه الإمام علي (ع) إلى النشاطات العلمية والثقافية. فاهتم بتفسير القرآن، وبيان الأحكام الشرعية، وتربية التلاميذ. وأصبح بيت الإمام (ع) مركزاً للإجابة عن المسائل العلمية والدينية للمسلمين.
وفي عهد خلافة عمر وعثمان، كان الإمام علي (ع) مستشاراً في شؤون مختلفة. وكان الخلفاء يستعينون به في المسائل القضائية والفقهية المعقدة. وقد قال عمر مراراً: “لولا علي لهلك عمر” و”لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن.”
وكان الإمام علي (ع) في هذه الفترة يعمل في الزراعة وحفر القنوات. فأحيا بساتين كثيرة وجعل دخلها في سبيل مساعدة الفقراء والمحتاجين. وظلت الآبار التي حفرها معروفة باسم “آبار علي” لسنوات طويلة.
وفي هذه الفترة، اهتم الإمام (ع) اهتماماً خاصاً بتربية أبنائه. فتلقى الإمام الحسن (ع) والإمام الحسين (ع) العلم والمعرفة في مدرسة أبيهما، وأصبحا قدوة للمجتمع الإسلامي. كما عُرفت السيدة زينب (س) في هذه الفترة بـ “عقيلة بني هاشم.”
وبعد استشهاد السيدة فاطمة (س)، تزوج الإمام علي (ع) من أمامة (بنت زينب وأبي العاص) وفقاً لوصية السيدة فاطمة (س). ومن زوجاته الأخريات أم البنين (أم العباس) التي لعبت دوراً مهماً في تربية أبناء الإمام (ع).
التالی: القسم الرابع: فترة الخلافة والشهادة
السابق: القسم الثاني: من البعثة حتى وفاة النبي (ص)
تم نشر المحتوى أعلاه في 20/3/2025 على موقع مكتبة مؤسسة الإمام علي (ع).