القسم الثاني: من البعثة حتى وفاة النبي (ص)

مع بداية البعثة النبوية، كان علي (ع) فتىً في العاشرة من عمره، وكان أول الرجال إسلاماً. وتروي المصادر أنه عندما أعلن النبي (ص) دعوته في مجلس “يوم الدار”، من بين جميع الأقارب، كان علي (ع) وحده من قَبِل دعوته، وفي ظروف كان فيها دعم النبي (ص) محفوفاً بالمخاطر قال: “أنا ناصرك يا رسول الله!”

وبعد إعلان الدعوة الإسلامية، كان علي (ع) حاضراً في جميع مواقف الدفاع عن الإسلام والنبي (ص). وخلال فترة الحصار الاقتصادي للمسلمين في شِعب أبي طالب، التي استمرت ثلاث سنوات، كان علي (ع) رغم صغر سنه، من أبرز المدافعين عن النبي (ص). كان يخرج ليلاً بحذر من الشِعب ليجلب الطعام للمسلمين الجائعين.

وبعد الهجرة إلى المدينة، ازداد دور علي (ع) في نشر الإسلام وتثبيته. شارك في جميع الغزوات والمعارك في صدر الإسلام، ما عدا تبوك. في غزوة بدر، وهي أول مواجهة بين المسلمين والمشركين، كان لعلي (ع) بشجاعته الفريدة الدور الرئيسي في النصر.

وفي غزوة أُحُد، عندما ترك كثير من المسلمين ميدان المعركة، بقي علي (ع) مع قلة من المؤمنين إلى جانب النبي (ص) يدافع عنه. وفي هذه المعركة سُمع نداء “لا فتى إلا علي، لا سيف إلا ذو الفقار” (لا شجاع إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار).

وفي معركة الخندق، عندما طلب عمرو بن عبد ود، فارس العرب المشهور، المبارزة ولم يجرؤ أحد على مواجهته، تطوع علي (ع) للمبارزة. فقال النبي (ص): “برز الإيمان كله إلى الكفر كله.” وفي هذا النزال الفردي، انتصر علي (ع) على عمرو. فقال النبي (ص): “لَضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.”

وفي فتح خيبر، بعد أن عجز عدد من قادة المسلمين عن فتح القلعة، قال النبي (ص): “لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.” وفي اليوم التالي، أخذ علي (ع) الراية وحقق نصراً عظيماً باقتلاع باب قلعة خيبر، الذي عجز أربعون رجلاً عن تحريكه.

السبب في عدم حضور علي (ع) في غزوة تبوك هو أن النبي (ص) طلب منه أن يبقى في المدينة مكانه ويترصد كيد المنافقين.

ومن أهم أحداث حياة علي (ع) زواجه من السيدة فاطمة (س)، ابنة النبي (ص) الكريمة. تم هذا الزواج المبارك في السنة الثانية للهجرة. قال النبي (ص) عن هذا الزواج: “لولا علي ما كان لفاطمة كفو.” وأثمر هذا الزواج الإمام الحسن (ع)، والإمام الحسين (ع)، والسيدة زينب (س)، وأم كلثوم (س).

ومع أن النبي (ص) كان قد تحدث مراراً عن المكانة السامية للإمام علي (ع) ووصفه بألقاب مثل باب مدينة العلم، وإمام المتقين، وساقي الكوثر وغيرها، إلا أنه في السنة الأخيرة من حياته، في يوم غدير خم عند عودته من حجة الوداع، أعلن رسمياً عن خلافة علي (ع) قائلاً: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه” (من كنت وليه وسيده فعلي وليه وسيده من بعدي).

التالی: القسم الثالث: من وفاة النبي (ص) حتى الخلافة

السابق: القسم الأول: الولادة والطفولة حتى الشباب

العودة إلى الفهرس

 

تم نشر المحتوى أعلاه في 20/3/2025 على موقع مكتبة مؤسسة الإمام علي (ع).