القسم الأول: الولادة والطفولة حتى الشباب

وفقاً للروايات التاريخية، في الثالث عشر من رجب في السنة الثلاثين من عام الفيل، وقعت حادثة عجيبة في مكة المكرمة. فقد لجأت فاطمة بنت أسد، زوجة أبي طالب، إلى الكعبة وهي في مخاض الولادة. وبمعجزة إلهية، انشق جدار الكعبة وسمح لها بالدخول. وبعد ثلاثة أيام، خرجت من الكعبة حاملة مولودها. كان هذا المولود هو علي (ع)، الذي سُجل في التاريخ كالإنسان الوحيد الذي وُلد في بيت الله.

كان والد الإمام علي (ع)، أبو طالب، زعيم بني هاشم والمدافع الأكبر عن النبي (ص). أما أمه فاطمة بنت أسد، فكانت سيدة طاهرة مؤمنة، اعتبرها النبي (ص) بمثابة أمه، وعند وفاتها كفّنها بقميصه ونام في قبرها ليقيها من ضغطة القبر.

صادفت طفولة علي (ع) سنوات مكة الصعبة. وفي سن السادسة، عندما كان القحط والجفاف الشديد يضرب مكة، تولى النبي (ص) رعاية علي (ع) لمساعدة عمه أبي طالب الذي كان لديه عيال كثير. كانت هذه بداية مرحلة جديدة في حياة علي (ع). فقد تربى في بيت الوحي وتعرف منذ طفولته على الفضائل الأخلاقية والروحية.

وقد قال الإمام (ع) عن هذه الفترة: “كنت أتبعه كما يتبع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه عَلَماً ويأمرني بالاقتداء به.”

كان لعلي (ع) في هذه الفترة خصال مميزة تميزه عن باقي الأطفال. فلم يسجد لصنم قط ولم يتلوث بالشرك. وكان صدقه وأمانته معروفين للجميع. وقد سماه النبي (ص) “الصديق الأكبر” و”الفاروق الأعظم”.

ومن الأحداث المهمة في فترة مراهقة الإمام علي (ع) مبيته في فراش النبي (ص) ليلة الهجرة. في تلك الليلة المعروفة بـ “ليلة المبيت”، حين كان المشركون يريدون قتل النبي (ص)، نام علي (ع) في فراشه بتضحية عظيمة ليتمكن النبي (ص) من الخروج من مكة. كانت هذه التضحية عظيمة حتى أنزل الله فيها آية “ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله” (وبعض الناس يبيعون أنفسهم طلباً لرضا الله).

لقّب النبي (ص) علياً (ع) بـ “أبي تراب”. وكان ذلك بعد أن رآه النبي (ص) نائماً على التراب في المسجد. وكان هذا اللقب محبباً للإمام علي (ع) حتى أنه كان يفرح كلما ناداه أحد به.

التالی: القسم الثاني: من البعثة حتى وفاة النبي (ص)

العودة إلى الفهرس

 

تم نشر المحتوى أعلاه في 20/3/2025 على موقع مكتبة مؤسسة الإمام علي (ع).