إن الإيمان بمجيء منقذ عظيم في نهاية التاريخ هو من أعمق وأوسع المعتقدات البشرية انتشاراً. فهذه الفكرة القائلة بأن شخصاً إلهياً أو مصطفى سيأتي في المستقبل ليخلّص العالم من الظلم والفساد، كانت موجودة منذ العصور القديمة في معظم الأديان والثقافات. هذا الاشتراك يدل على أن انتظار المنقذ متجذر في الفطرة الإنسانية، وأن جميع الناس على اختلاف ثقافاتهم وجنسياتهم وأديانهم، يتمنون من صميم قلوبهم تحقق السلام والمودة والعدل في جميع أنحاء العالم ويرعون في نفوسهم انتظاراً لمثل هذه الظروف.
إن البشارة بظهور المخلّص في آخر الزمان هي من التعاليم المشتركة للأديان الإبراهيمية. ففي المسيحية، يُعتبر الإيمان بعودة عيسى المسيح (ع) وحكمه النهائي على أعمال البشر وإقامة ملكوت الله عقيدة قطعية. وفي اليهودية، يُقدَّم الماشيح كشخص من نسل داود (ع) سيعيد حكم بني إسرائيل ويبني هيكل سليمان (ع). كما تحدثت الأديان الشرقية عن مجيء المنقذ الموعود. ففي الهندوسية، هناك وعد بأن كالكي، التجسد العاشر والأخير لفيشنو، سيأتي راكباً حصاناً أبيض ويدمر الشر والظلام. وفي البوذية، يُتحدث عن مايتريا كبوذا المستقبل ومعلم الحقيقة والخلاص، الذي سيجلب السلام والتناغم والمحبة والتحرر من المعاناة للجميع. وفي الزرادشتية، يُسمى المنقذ الموعود سوشيانت ويُقدَّم على أنه من نسل زرادشت والمنتصر النهائي في معركة الخير والشر ومحيي الطهارة والحق.
وفي الإسلام أيضاً، يُعد الإيمان بالمنقذ الموعود من العقائد الضرورية التي لا خلاف فيها، وحتى أهل السنة يعتبرون ظهور شخص باسم المهدي (عج) من ذرية النبي الأكرم (ص) ومن نسل السيدة فاطمة (س) أمراً قطعياً.
التالی: معتقد المسلمين المشترك
تم نشر المحتوى أعلاه في 20/3/2025 على موقع مكتبة مؤسسة الإمام علي (ع).