رغم أن لدينا أحاديث وتقارير تاريخية عن ولادة ابن الإمام الحسن العسكري (ع) باعتباره الإمام الثاني عشر من نسل رسول الله (ص)، وهو ما يتوافق مع روايات المذاهب المختلفة حول قرشية الخلفاء الاثني عشر، إلا أن كثيراً من المسلمين لا يثقون بهذه التقارير ولا يعتبرون مثل هذه الوثائق كافية لقبول المعتقدات الدينية.
ولكن إذا جعلنا أساس فهمنا للدين القرآن بدلاً من الحديث، نجد تعاليم لا نشك في أصالتها. فالقرآن في الآية ٧٣ من سورة الأنبياء والآية ٢٤ من سورة السجدة يقدم مقام الإمامة كمقام معنوي وهداية من خلال “الأمر الإلهي”، وفي الآيتين الأخيرتين من سورة يس يعتبر ما يتعلق بعالم “الأمر” أمراً ملكوتياً وفوق أسباب وعوامل العالم المادي.
ومن ناحية أخرى، في الآية ١٢٤ من سورة البقرة تتم الإشارة إلى استمرار مقام الإمامة في ذرية سيدنا إبراهيم (ع)، والآية ٢٨ من سورة الزخرف تخبر عن بقاء مقام الهداية في هذه الذرية. وعندما نضع هذه النقاط إلى جانب آيات مثل الآية ٧ من سورة الرعد التي تشمل هذا اللطف لجميع الأمم، نصل إلى نتيجة مفادها أن القرآن يخبر عن استمرار الهداية الباطنية في جميع العصور.
والآن يجب أن نجيب على هذا السؤال: من الذي تولى هذا المقام الباطني بعد النبي الأكرم (ص)؟ وبدراسة إجابات المذاهب المختلفة على هذا السؤال، نجد أن الحل الوحيد المتوافق مع تعاليم القرآن هو الرؤية التي تعتبر سلسلة الإمامة باقية ومستمرة في أهل البيت، والتي مع الإقرار بالغموض في ولادة وطول عمر الإمام الأخير، تقبل بأنه حي.
في هذه النظرة، بدلاً من اتخاذ الروايات الحديثية أو التاريخية القابلة للنقاش أساساً، نعتبر القرآن الوثيقة الدينية الموثوقة والقطعية، وبدون أن نريد أن نحكم على تفاصيل ما جاء في الروايات، نستفيد من رؤاها القيمة لفهم أفضل للتعاليم القرآنية ونعطي المصداقية للأحاديث المتوافقة مع كتاب الله.
وعليه، يمكن تلخيص الدليل القرآني على حياة الإمام المهدي (عج) على النحو التالي:
١. يقدم القرآن الإمامة كمقام معنوي للهداية الباطنية لجميع الأمم وباقٍ في ذرية سيدنا إبراهيم (ع).
٢. من بين النظريات المطروحة حول خلافة النبي (ص)، فقط ما يقوله الشيعة الاثنا عشرية يتوافق مع القرآن.
ومن المثير للاهتمام أن في كتب الصحاح السنية أحاديث بهذا المضمون أن النبي (ص) أعلن خلفاءه الحقيقيين اثني عشر خليفة، وهذه النقطة لا تتوافق إلا مع رؤية الشيعة الاثني عشرية حول عدد الأئمة وطول عمر آخر خليفة للنبي (ص).
التالی: ما هو المهم
السابق: نقاط الاختلاف
تم نشر المحتوى أعلاه في 20/3/2025 على موقع مكتبة مؤسسة الإمام علي (ع).